نيوز ايست

تمخضت عمليات التنقيب التي يجريها علماء اسبان من جامعة برشلونة المستقلة بالتنسيق والتعاون مع مديرية الآثار والتراث في أربيل وجامعة صلاح الدين في موقع “تل لشكر” الاثري 17 كيلومتر شرق أربيل عاصمة كردستان العراق عن اكتشاف 3 هياكل عظمية بشرية وجرار فخارية واختام وبقايا عمليات الغزل والنسيج واطلال منزل كبير.

تجري التنقيبات بعمق مترين و30 سنتمترا داخل اطلال منزل كبير ضمن طبقات منطقة تل لشكر الأثرية، الذي يعود تاريخه الى 5000 عام من الآن أي الى العصر البرونزي المبكر.

يقول دكتور ميغيل موليست، أستاذ علم الآثار في جامعة برشلونة المستقلة: “هذا مثال ممتاز على اكتشاف فريد، داخل المنازل، لدينا هنا منزل كبيرة جدًا، وربما منزل مهم لاحد الأثرياء في هذه الدولة. التسلسل الزمني لهذا الاكتشاف يعود لحوالي 3000 عام قبل المسيح. لدينا هنا جرة كاملة قد لا يكون هناك شيء في داخلها، وجرة أخرى هنا، وأخرى هنا، ورابعة هنا، وخامسة أخرى هنا، امامنا مجموعة معقدة من 5 جرار، لا نعلم ما وظيفتها؟ الأمر ليس واضحًا الآن.”

يعتبر العلماء العاملون في الموقع الاكتشاف الاثري الذي توصلوا اليه مهما جدا، لأنه يكشف النظام الاقتصادي السائد في دويلات هذه المنطقة في تلك الحقبة الزمنية والعلاقات التجارية التي كانت تربطها بالخليج وإيران وأفغانستان ودول الشرق الأخرى، حيث كانوا يصدرون في عمليات تجارية منظمة، القار والاقمشة التي كانوا يصنعونها الى هذه الدول ويستوردون منها الأحجار الكريمة واللؤلؤ.

ويضيف الدكتور فرانسيسكو غارثيا، أحد أعضاء الفريق الأثري: “الهيكل العظمي المكتشف هنا يشير الى أنه كان ملفوفا بكفن ابيض، وهذا ما كشفته لنا بقايا ألياف النباتات التي صنع منها الكفن الموجودة هنا وهي الوحيدة التي بقيت منه والدليل الوحيد على أن الجثة كانت ملفوفة الكفن. أحيانًا كانت هناك حصائر فوق القبور لكننا لا نعتقد أن الموجود هنا حصير بل مجرد كفن”.

ويعتبر اكتشاف استخدام سكان هذه المدينة للكفن في تغطية موتاهم عند دفنهن في القبور قبل أكثر من 5000 عام أبرز ما يميز هذه المرحلة من الاكتشافات الاثرية في تل لشكر، فلم تعثر فرق العلماء الاثرين في التنقيبات التي اجروها في المواقع الاثرية الأخرى حتى الان على وجود اكفان في ذلك الزمن.

الآثاري علي بانيشاري، ممثل مديرية الاثار والتراث في أربيل: “التنقيبات الأثرية مستمرة في تلة لشكر منذ 8 مواسم، تجرى هذه التنقيبات بواسطة فريق مشترك من مديرية الآثار والتراث في أربيل ودائرة الآثار في جامعة صلاح الدين، وفريق جامعة برشلونة المستقلة بإسبانيا، النتائج مبهجة، وتعتبر القطع الأثرية والحفريات التي تم اكتشافها في هذا الموقع نادرة ولم يتم العثور عليها أي مواقع أثرية أخرى مكتشفة حتى الآن”.

وتعاقدت مديرية الاثار والتراث في أربيل مع 10 جامعات أمريكية وأوروبية لغرض مسح المواقع الاثرية في محافظة أربيل واجراء عمليات التنقيب الاثرية فيها، وتسعى المديرية الى توسيع عمليات التنقيب لتشمل كافة المواقع الاثرية في المحافظة، التي تحتضن الكثير منها وتعود الى فترات زمنية متنوعة قبل الميلاد وبعده.

ويؤكد الدكتور عبد الله بكر، أستاذ الآثار بجامعة صلاح الدين: “هذا الموقع يكشف لنا الكثير من المعلومات حول تاريخ أربيل في كافة مجالات الحياة، على سبيل المثال الحياة اليومية والثقافية والاقتصادية، الى جانب الزراعة والأشياء الأخرى التي استخدمها الناس في حياتهم اليومية، ومنها صناعة الفخار.”