صورة ارشيفية لمناطق في كردستان العراق تعرضت لهجمات الحرس الثوري الايراني

نقلا عن موقع ارفع صوتك

خوف وهلع وهدوء حذر يخيم على أجوائها، إنها قرية ارموطا ذات الغالبية المسيحية الواقعة غرب مدينة كويسنجق بمحافظة أربيل في إقليم كردستان العراق.

وهذا حالها منذ تعرضت مقرات الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة في كويسنجق للقصف الإيراني نهاية سبتمبر الماضي.

وشهد إقليم كردستان قصفا إيرانيا مكثفا بدأ في 24 سبتمبر الماضي، استهدف أولاً المرتفعات والقرى الحدودية، ثم شن الحرس الثوري الإيراني في 28 سبتمبر، هجوما بأكثر من 70 صاروخا بالستياً وعشرات الطائرات المسيرة المفخخة، على مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ومحيط إحدى المدارس ومخيمات اللاجئين في قضاء كويسنجق، ومقرات حزب الحرية الكردستاني في منطقة شيراوه جنوب أربيل، ومقرات جناحي حزب الكوملة الكردستاني في منطقة زركويز بمحافظة السليمانية.

واضطر سكان ارموطا إلى إخلاء القرية نحو أسبوعين بعد القصف خوفا من تكراره، وعادوا إليها مؤخرا، لكنهم يعيشون بحذر مستمر وفي حالة من الترقب والتأهب لترك القرية خوفا من التعرض للقصف الإيراني، ففي محيط قريتهم مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض ومخيم اللاجئين الكرد الإيرانيين.

وقد تعرض المقر والمخيم للهجوم الإيراني الأخير بشكل مكثف وسقطت العديد من الصواريخ والطائرات المسيرة المفخخة على المقر والمخيم وأطرافهما.

تقول الناشطة المدنية سلفانا دلشاد، وهي من أهالي ارموطا، لـ”ارفع صوتك”: “يعيش سكان قريتي حالة تأهب مستمرة، خاصة الجزء القريب من مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في القلعة العسكرية، وأسفر القصف الأخير عن تحطم زجاج شبابيك منازلهم وزجاج سياراتهم، لذلك اضطروا إلى  الانتقال نحو المنطقة الأمامية للقرية”.

“فيما ترك الكثيرون القرية لمدة طويلة بعد القصف وكان الرجال هم الوحيدون الذين يتواجدون في البيوت الواقعة في بداية القرية، أما العائلات فانتقل قسم منها إلى مركز مدينة كويسنجق، وآخر إلى مدينة أربيل”، تضيف دلشاد.

وتتابع أن أطفال القرية “لم يتمكنوا بعد الهجوم من الذهاب للمدارس لفترة طويلة”، مردفةً “تحويل الطلبة إلى مدارس أخرى داخل كويسنجق ليس أمرا جيدا، فالطلاب سيجدون نفسهم في بيئة جديدة وهيئة تدريسية جديدة ويحتاجون إلى التأقلم مع الواقع الجديد، ما سيؤثر على نفسيتهم في ظل استمرار القلق والخوف من تكرار الهجمات والقصف الإيراني”.

ليست هذه المرة الأولى التي يخلي فيها سكان ارموطا بيوتهم، حيث شهدت القرية خلوها من السكان عدة مرات بسبب الهجمات الصاروخية والقصف الإيراني على كويسنجق ومدن إقليم كردستان العراق طيلة السنوات الماضية، بحجة تواجد مقرات الأحزاب الكردية الإيرانية ومخيمات اللاجئين فيها.

يُشار إلى أن ثلاثة من الهجمات كانت الأشد على سكان ارموطا، وتسببت بمقتل وجرح العشرات من السكان المدنيين. كان أحدها عام 1996، عندما هاجمت إيران بالمدفعية مقر الحزب الديمقراطي وتسبب القصف بإصابة أحد سكان القرية بجروح خطيرة إثر تعرض بيته لقذيفة مدفع.

والثاني عام 2018، حيث شنت إيران هجوماً بصواريخ بالستية على مقر الكردستاني وأسفرت عن مقتل أكثر من 11 شخصاً وإصابة 30 آخرين من أعضاء الحزب وعائلاتهم، كما تسببت في أضرار مادية بقرية ارموطا ونزوح سكانها.

أما الهجوم الثالث فهو الأخير المذكور سالفاً. يقول هاوزين صليوا عيسى، من القرية: “تضررت قريتنا عدة مرات بسبب تكرار الهجمات الإيرانية ونضطر دائما إلى إخلائها. واليوم يخيم الخوف على أجواء القرية، خاصة في ظل التهديدات الإيرانية المستمرة وتحليق طائراتها في سماء المنطقة”.

ويشير إلى أن الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة “تسببت بإخلاء القرية لأكثر من 10 أيام، وسقطت مجموعة من قطع الصواريخ والطائرات المسيرة والشظايا داخلها”.

ويبيّن عيسى لـ”ارفع صوتك”: “لم يتمكن سكان القرية عقب القصف من التوجه إلى حقولهم ومزارعهم لعدة أيام، ما تسبب بأضرار مادية لهم، ولم يعد الطلبة إلى مدرسة القرية حتى الآن، واضطروا إلى مواصلة الدراسة في إحدى المدارس وسط المدينة”.

ويؤكد “حالياً نحن متخوفون من تكرار الهجمات خاصة أن الأيام الماضية شهدت تواجدا مكثفا للطائرات الإيرانية المسيرة في سماء القرية”.

وتعتبر قرية ارموطا رمزا من رموز التعايش السلمي في كردستان العراق، حيث يعيش فيها المسيحيون والمسلمون بسلام منذ أكثر من 90 عاما، وكانت حتى ثلاثينيات القرن الماضي مسيحية بالكامل، ثم انتقلت إليها عائلات كردية مسلمة.

وتسكن القرية حاليا 120 عائلة مسيحية، فيما يتراوح عدد العائلات المسلمة ما بين 20-23 عائلة.