منذ سيطرة مليشيا الحوثيين على المشهد اليمني قبل 9 سنوات وحتى الآن، لم تنعم الأقليات الدينية وفي مقدمتها البهائيون في اليمن بالاستقرار، إثر استمرار هذه المليشيا بشن الاعتقالات وتنفيذ الاعدامات ومصادرة أموال وممتلكات البهائيين في كافة المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وأعلنت الجامعة البهائية العالمية في بيان لها في 26 مايو الحالي أن “مسلحي جماعة الحوثي داهمت بعنف تجمعا سلميا للبهائيين في العاصمة اليمينة صنعاء اليمن في 25 مايو، واعتقلت وأخفت قسرًا نحو 17 شخصًا، من بينهم خمس نساء”، مطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقلين.

ونقل البيان عن باني دوجال، الممثّل الرّئيسيّ للجامعة البهائيّة لدى الأمم المتّحدة، قولها: “نرى الحكومات في جميع أنحاء المنطقة العربية تسعى جاهدة للعمل من أجل السلام وتنحية الاختلافات الاجتماعية، التي عفا عليها الزمن وتعزيز التعايش السلمي والتطلع إلى مستقبل مشرق. لكن في صنعاء تتجه السلطات الحوثية الحاكمة في الاتجاه المعاكس، حيث تضاعف من اضطهاد الأقليات الدينية وتشن هجمات مسلحة شرسة ضد مدنيين مسالمين وعُزَّل. لقد انتهك الحوثيون حقوق الإنسان للبهائيين وغيرهم مرارًا وتكرارًا، ويجب أن يتوقف ذلك”.

الصورة: كتابة في الديانة البهائية

وطالبت دوجال المجتمع الدولي باستخدام نفوذه لإلزام الحوثيين على احترام حقوق الإنسان لجميع المواطنين اليمنيين، بدءًا بإطلاق سراح هؤلاء الـ 17 أو أكثر من البهائيين، الذين تم اعتقالهم في هذه المداهمة العنيفة وغير المبررة.

وفي ابريل الماضي قالت كلّ من منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة “مواطنة لحقوق الإنسان” ومنظمة “العفو الدوليّة” و”الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان” في بيان مشترك إن “الرجال والنساء في اليمن يتعرضون للاستهداف بسبب معتقداتهم السياسية والدينية أو انتمائهم إلى جماعات دينية أو سياسية. كما استُهدِف أيضا الصحفيون والإعلاميون والعاملون في مجال الإغاثة والمدافعون عن حقوق الإنسان.”

روحية ثابت، ناشطة بهائية يمنية، كانت خلال السنوات الماضية معتقلة في سجون الامن القومي التابعة لمليشيا الحوثية، ومن ثم ابعدتها المليشيا مع عائلتها وعدد من العائلات البهائية الأخرى قسرا من اليمن.

تعتبر ثابت الهجمات المستمرة التي يتعرض لها البهائيون في اليمن “تجسيدا لنهج الاضطهاد المنهجي الذي يتبعه الحوثيون ضد اتباع الديانة منذ عام 2014 وحتى اليوم بتوجيهات خارجية من النظام الإيراني.”

ولم تتوقف مليشيا الحوثية عند اعتقال البهائيين الـ17، بل داهمت خلال الأيام الماضية منازل أخرى للبهائيين وصادرت ممتلكاتهم ووثائقهم. وفي الوقت نفسه، تحاكم المليشيا أكثر من 24 شخصًا من أتباع الديانة البهائية التي دخلت اليمن في بداية الأربعينات من القرن الماضي.

تؤكد ثابت لـ”نيوز ايست” “استهدافهم المستمر والواضح للمواطنين البهائيين ومحاولاتهم المستميتة لطمس هويتهم الثقافية والاجتماعية، هو جزءً من مسعاهم لإزالة البهائيين اليمنيين من صميم المجتمع اليمني الحاضن تاريخيا وثقافيا للتنوع.”

وتعرب ثابت عن قلقها الشديد من تصاعد حالات مصادرة أموال البهائيين وتعطيل حقوقهم والتضييق على مصادر رزقهم، “أغلقت الجماعة المؤسسات الاجتماعية التنموية المرخصة التي تخدم المجتمع وتعرضت ممتلكاتها للنهب، ويتعرض البهائيون والأشخاص الذين يتعاملون معهم للمضايقات المالية وتجميد التعاملات المصرفية.”

وكشف تقرير المركز الأمريكي للعدالة نهاية ديسمبر الماضي، حول الحريات الدينية والأقليات في اليمن خلال الفترة الممتدة من مارس 2014 وحتى سبتمبر 2022، أن مليشيا الحوثي مارست الانتهاكات ضد اتباع الديانة البهائية تمثلت في الاعتقالات والتعذيب والمحاكمات ومصادرة للممتلكات والتهجير القسري.

الصورة: مليشيا الحوثي

وأشار المركز أن فريقه تحقق من 71 حالة اعتقال من بينهم 6 أطفال و20 امرأة، فيما اجرت المليشيا 25 محاكمة غير عادلة لأفراد بهائيين، صدر في بعضها احكام بالإعدام ومصادرة الممتلكات.

وأضاف المركز أن مليشيا الحوثي، هَجَّرَت 6 أفراد و25 أسرة بهائية إلى خارج اليمن، ونهبت 9 منازل مملوكة للبهائيين ومؤسسات تابعة لهم.

وتدعو ثابت المجتمع الدولي والمنظمات ذات الصلة الى التحرك الفوري للتصدي لهذه الانتهاكات الخطيرة، وضمان حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بغض النظر عن معتقاداتهم الدينية.

وتضيف “ندعو الى الإطلاق الفوري للمعتقلين والمعتقلات ونهاية فورية للاضطهاد والتمييز والقمع بناءً على المعتقد الديني وأن تحكم العدالة والحرية مجتمعنا، وعلى الجميع أن يسعوا لتحقيق السلام والمساواة والتعايش السلمي في بيئة تحترم حقوق الإنسان والتنوع الثقافي.”