كشف مرصد أفاد الإعلامي والحقوقي الخاص بالكشف عن انتهاكات حقوق الانسان في تقرير له عن استمرار استيلاء المليشيات المسلحة المنضوية في الحشد الشعبي عبر مكاتبها الاقتصادية على الموارد الاقتصادية في محافظة نينوى شمال العراق.

 ودعا المرصد الحكومة العراقية الى متابعة هذه الملفات ووضع حد لممارسات وتجاوزات المليشيات على الحق العام والخاص في محافظة نينوى، خاصة بعد الشكاوى الكثيرة واستفحال الظاهرة بشكل مفضوح دون خوف من المحاسبة بسبب الاستقواء بالسلاح وتعمد إبطال دور القوات الأمنية، والتضييق على المواطنين.

واشار تقرير المرصد الذي نشر بعنوان “جماعات مسلحة تُنهِك نينوى وتستولي على مقدرات اقتصادية مهمة” الى ارتفاع وتيرة أنشطة الجماعات والفصائل المسلحة المنضوية ضمن “هيئة الحشد الشعبي”، في محافظة نينوى بشكل غير مسبوق منذ انتهاء صفحة العمليات العسكرية المباشرة نهاية العام 2017.

ونقل المرصد افادات عن مسؤولين محلين ورجال أعمال اكدوا خلالها سيطرة تلك الجماعات على منافذ ومقدرات اقتصادية مهمة بشكل مباشر وآخر غير مباشر عبر ممارسة ضغوطات وعمليات ابتزاز على رجال أعمال ومقاولين وعاملين في مشاريع إعمار المحافظة.

  وبحسب التقرير شهد الربع الأخير من العام 2021 وشهر يناير الماضي، تصاعدا في عمليات وضع اليد من قبل قيادات وعناصر بارزة في فصائل مسلحة على عدد من المشاريع الاقتصادية، إضافة إلى تدخلهم في عمل دوائر ومؤسسات الحكومة الخدمية خاصة في مدن الموصل وتلكيف وسهل نينوى وتلعفر.

  وقال مسؤول عراقي محلي في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى إن المليشيات تفرض إتاوات على سائقي الشاحنات المحملة بالبضائع القادمة من إقليم كردستان أو العاصمة العراقية بغداد. وأبلغ المسؤول مرصد “أفاد”، بأن مسؤولين وموظفين كبارا في المحافظة يخضعون لضغوط كبيرة من قبل قيادات تلك المليشيات لتسهيل وتمرير أنشطة تجارية واقتصادية كثير منها مخالف للقانون.

  ومن أصل 20 مزايدة في دوائر الدولة أبرزها جامعة الموصل ودائرة البلديات والمحافظة والطرق والجسور ووزارات النفط والزراعة والتجارة، هناك ما لا يقل عن 16 منها استحوذت عليها فصائل مسلحة تتبع “الحشد الشعبي”، تحت أسماء وعناوين مختلفة، وكان أبرزها محطة وقود ومشروع استثماري في جامعة الموصل، وتغيير جنس أراض زراعية وتقطيعها وبيعها.

 والسيطرة على مشروع سوق الغنم والجزارة الوحيد في الموصل بمنطقة كوكجلي، وتمرير عقد شبكة مجاري الجانب الأيمن للموصل رغم مخالفات قانونية وفنية فيه، وعرقلة عدد من المشاريع الخاصة بتجار ومستثمرين محليين رفضوا تقديم إتاوات لتلك الجماعات.

وتابع مسؤول محلي لـ”آفاد” “تسيطر مليشيا عصائب أهل الحق بشكل خاص ومليشيات أخرى على معظم المزايدات الكبيرة في دوائر محافظة نينوى؛ آخرها قبل أسابيع بالاستحواذ على علوة ربيعة للخضار”. مشيرا الى أن “فصائل مسلحة تسيطر على معظم مشاريع جامعة الموصل آخرها الاستحواذ على مشروع المجاري بقيمة مليار دينار تقريبا”.

  وتحتل “عصائب أهل الحق”، “كتائب حزب الله”، “بدر”، “بابليون”، “اللواء 30″، “النجباء”، وجماعات أخرى مثل “سيد الشهداء”، و”الإمام علي”، صدارة الجماعات التي تنتفع ماديا بطرق غير قانونية منها الابتزاز واستخدام النفوذ في تطويع تعاملات غير قانونية ويشوبها الفساد.

وأكد مسؤول آخر في نينوى على أن “سوق الغنم والجزارة الوحيد في الموصل بمنطقة كوكجلي مجازة لقيادي في اللواء 30 وهو المدعو “أحمد سعدون” وشريكه قائد اللواء الفعلي وعد الگدو، حيث يمرران الأغنام والأبقار المستوردة من قبل سيطرات اللواء”، مشيرا إلى أن “دائرتي الصحة والبيطرة تقومان بتسهيل تجاوزاتهم بإدخال أضعاف الأعداد المسموحة بها قانونيا وذلك بسبب سطوة اللواء 30 على المفارز الأمنية خاصة آمر الفوج الثاني محمد جميل الشبكي ومعاونه قمر عباس التركماني”.

ونقل المرصد عن تاجر قوله إن “شارع أربيل الرئيسي وسط الموصل خاضع لسيطرة اللواء 30 الذي ياخذ الإتاوات كشرط لعبور التجار من السيطرات”. مؤكدا ان العصائب تنقل البضائع الممنوعة من الشارع إلى مدينة الموصل بعيدا عن الرقابة أو المساءلة.

  وكشف مصدر أمني فضّل عدم ذكر اسمه بعض التفاصيل والأسماء لمرصد “أفاد” حول ملف الإتاوات في شارع أربيل موضحا أن “الحصص تذهب للواء 30 وإلى وعد الگدو قائد اللواء الفعلي وذلك بالاتفاق بين آمر اللواء شعيب عبد الكريم المكنى أبو ياسين، بالإضافة لآخرين منهم بشار فخري وضابط استخبارات اللواء محمد عارف قبل نقل الأخير من قبل الحشد لقاطع آخر؛ لانكشاف فساده وزيادة الشكاوى بحقه.

 وأضاف المصدر أن اللواء 30 يمنع السكان من البناء في سهل نينوى بحجة خطر التغيير الديمغرافي الذي قد تتعرض له الأقليات هناك؛ بينما الكثير من التجار يبنون ويشترون العقارات والأراضي بعد دفع الإتاوات.

واشار تقرير آفاد الى أن فريق المرصد تنقّل بين مناطق عدة في الموصل وضواحيها وبلدات سهل نينوى والتقى مع مواطنين ومسؤولين محليين أكدوا أن بعض الفصائل تستخدم شركات مستحدثة كواجهات محلية لتمرير مصالحها التجارية في محافظة نينوى، في خطوة للالتفاف على قرارات سابقة لرئيس الحكومة المنتهية ولايته مصطفى.

وتعمل هذه الشركات والمكاتب بأسماء مختلفة، واتخذت مقرات لها في أحياء مختلفة من مدينة الموصل، وتخضع لحصانة وحماية تلك الفصائل المسلحة، خاصة في أحياء “النصر” و”المهندسين” و”المجموعة الثقافية”، بينما توجد في الجانب الأيمن بمناطق وأحياء “الطيران” و”الغزلاني” و”الدندان” و”الشفاء” و”موصل الجديدة”.

فيما استولت “كتائب الإمام علي”، بمدينة القيارة على مبنى حكومي سابق، ومنح نفسه حق إصدار خطابات تسهيل مهام ومرور للمواطنين والعاملين في المدينة لقاء مبالغ مالية، بينما تحول مكتب لـ”عصائب أهل الحق”، في ناحية حمام العليل ومثله في قرية اللزاكة القريبة، إلى أشبه ما يكون بمقر لجباية الإتاوات.